سورة التوبة - تفسير التفسير القرآني للقرآن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (125) أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127)}.
التفسير:
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة، أنكرت على أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول اللّه، وقد حمل إليهم هذا الإنكار أمرا ملزما بالجهاد مع رسول اللّه، وهذا لا يكون إلّا في مجتمع بدين كلّه بالإسلام، حتى يقع الأمر بالجهاد موقعه، ويصادف أهله.
لهذا جاءت تلك الآية داعية إلى قتال الكفار الذين يحيطون بالمسلمين، ويكونون أجساما غريبة في هذا الجسد الكبير.
وتنقية هذا الجسد الإسلامى من الأجسام الغريبة التي تعيش فيه، وحمايته من الآفات الخبيثة التي تقف على حدوده- أمر ضرورى لسلامة هذا الجسد، ووقايته من عوارض التصدّع والتشقق.
وفى قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} لفت لأنظار المسلمين إلى حماية أنفسهم من خطر العدوّ المساكن لهم، أو الملاصق لمجنمعهم، وذلك لا يكون إلا بأن يدخل هذا العدو في الإسلام، وبصبح بعضا منه، أو أن يقاتله المسلمون حتى يقتلعوا شوكته، أو يوهنوا قوته، فلا يكون يوما من الأيام قادرا على مواجهتهم بالضرّ، أو مبادأتهم بالعدوان، وذلك من شأنه أن يعطى المجتمع الإسلامى أمنا وسلاما واستقرارا في مواطنه، الأمر الذي يتيح لكل فرد فيه أن يعمل، وأن يحسن العمل فيما هو مهيأ له، وراغب فيه.
وفى قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
تنبيه إلى ما ينبغى أن يكون عليه المسلمون فيما بينهم وبين الكافرين، فلا بغى ولا عدوان، ولا مجاوزة للحدّ المطلوب لحماية الدعوة الإسلامية، ودفع كيد الكائدين لها.
فإذا تحقق ذلك، فليس وراءه شيء يطلبه المسلمون لذات أنفسهم، أو لانتقام شخصى. بل يجب أن تكون تقوى اللّه هى الدستور الذي يأخذ به المسلمون أنفسهم في حربهم لعدوهم.. فلا يعرضوا لامرأة، ولا لطفل، ولا لشيخ، بأذى ولا يتبعوا هاربا، ولا يقضوا على جريح، ولا يمثّلوا بقتيل، ولا يقطعوا شجرا ولا زرعا، ولا يحرقوا دورا، ولا يقتلوا حيوانا.. فليس في هذا كله عدوّ لهم، وإنما عدوهم هو الذي حمل السلاح، وقاتلهم به، فإذا ألقى السلاح، أو عجز عن حمله والقتال به، فشأنه شأن الصبيان والنساء، لا سبيل إلى العدوان عليه.
وقوله تعالى: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً.. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ}.
فى هذا إشارة إلى تلك الأجسام الغريبة الفاسدة التي تعيش في كيان المجتمع الإسلامى، وأنه إذا كان للمسلمين عدو ظاهر يعرفون وجهه، ويأخذون حذرهم منه، ويعملون على قهره وخضد شوكته.. فإن ذلك ينبغى ألا يشغلهم عن عدوّ خفىّ يندسّ فيهم، بل إن عليهم أن ينتبهوا إلى هذا العدوّ، وأن يرصدوا تحركاته، وأن يضربوه الضربة القاضية، كلمّا أطلّ برأسه من جحره.
وهذه الأجسام الغريبة الفاسدة التي تعيش في كيان المجتمع الإسلامى، هى جماعة من المنافقين.
وقوله تعالى: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً} هو علامة مميزة من علامات النفاق، وعرض ظاهر من أعراضه.
فالشّك في آيات اللّه، والتشكيك فيما تحمل من هدى، ومن خير، ومن نور- هو كفر يستره نفاق، وهو نفاق يصرّح عن كفر! فإذا قال قائل هذه الكلمة الضالّة: {أيّكم زادته هذه إيمانا} إذا قالها فيما بينه وبين نفسه، فإلى اللّه حسابه، وعليه عقابه، أما إذا قالها فبلغت أسماع المسلمين، فذلك كيد يكيد به للإسلام، وحرب خفيّة بالكلمة المضلّلة يطعن بها في صدورهم.. فهو بهذا محارب يلقاه المسلمون بما يلقون به المحاربين من أعدائهم.
وفى قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} ردّ مفحم للمنافقين، وتكذيب فاضح لنفاقهم، وكفرهم بآيات اللّه، وضلال أبصارهم وبصائرهم عن الهدى والنور الذي تحمله آيات اللّه بين يديها.. فالذين آمنوا، تزيدهم آيات اللّه إيمانا مع إيمانهم، بما يطالعون فيها من وجوه جديدة تتجلّى فيها آيات اللّه، وتشعّ منها ألوان مضيئة كاشفة عن عظمة الخالق، وجلاله، وعلمه، وقدرته، وحكمته، ورحمته.. فكل آية جديدة يلقاها المسلمون، وكل سورة جديدة تطلع عليهم من عند اللّه، هى خير جديد يضاف إلى ما بين أيديهم من خير، وهو نور جديد يمدّ به ما عندهم من نور.. ولهذا فهم يستبشرون بكل آية تنزل عليهم، لأنها تزودهم بزاد جديد من الإيمان والتقوى، وتسير بهم خطوات واسعة إلى اللّه، تدنيهم من رحمته، وتقربهم من رضوانه.
وفى قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ}.
بيان لما يحصّله المنافقون والذين في قلوبهم مرض، من آيات اللّه التي تنزل من السماء هدى ورحمة للعالمين، فهى إنما تزيدهم عمى إلى عمى، وضلالا إلى ضلال، وفسادا إلى فساد.. إنهم أشبه بالهوامّ والحشرات التي يجرفها الغيث الهاطل، ويغرقها السيل المندفع، على حين يحيا به كل كائن حىّ، ويهشّ له ويهنأ به كل ذى حياة.. وإنهم لأشبه بالخفافيش يأخذ ضوء الشمس على أبصارها، فتكتحل منه بالعمى، على حين تكتحل الأشياء كلها بهذه الآية المبصرة من آيات اللّه بالهدى والنور! قوله تعالى: {أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} هو تقريع وتوبيخ لهؤلاء المنافقين الذين يقفون مواقف الخزي والفضيحة بين يدى آيات اللّه، مرة أو مرتين كل عام، حيث يفضح القرآن منهم في كلّ مرة، مخزية من مخزياتهم، ويكشف المسلمون موقفا لئيما من مواقفهم.. ثم لا يأخذون من هذا عبرة أو عظة، ولا يجدون فيما فضح اللّه من أسرارهم، وما أخرج مما في صدورهم- آية على علم اللّه، وعلى وجود اللّه، فيؤمنوا به، ويتوبوا إليه.. بل إنهم على ما هم عليه، من كفر وضلال: {لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}.
وهذه حال أخرى من أحوال المنافقين مع آيات اللّه، حين يستمعون إليها مع من يستمع إلى آيات اللّه من المؤمنين.
إنهم يلقونها بالشكّ والارتياب، حتى لتكاد تفضحهم ألسنتهم بما يدور في رءوسهم، فينظر بعضهم إلى بعض، نظرات متلصصة، تبحث عن مهرب تهرب منه من بين يدى آيات اللّه، حتى لا ينفضح أمرهم بين يديها.
فإذا وجدوا فرصة مواتية للهرب انسلّوا، وفروا مسرعين: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}.
وفى قوله تعالى: {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} حكم عليهم من اللّه سبحانه وتعالى بأنه قد صرف قلوبهم عن الحقّ، وختم عليها أن ترى الهدى، وأن تطمئن إليه، لأنهم قوم لا يفقهون شيئا، ولا يفرقون بين نور وظلام، وهدى وضلال.
{إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا..}.


{لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)}.
التفسير:
بهاتين لآيتين تختم سورة التوبة- وهو ختام يلخص في إيجاز وإعجاز مضمونها كلّه.
فقد كانت هذه السورة معركة متصلة، بين الإسلام، وبين النفاق، والشرك، والكفر.. وذلك في محيط المجتمع العربىّ، بدوه وحضره. إذ كان هو ميدان الرسالة الإسلامية الأولى، ومنطلق رحلتها في المجتمع الإنسانى كله، حيث كانت الأمة العربية، هى الأمة التي أرادها اللّه لحمل هذه الرسالة، وجعل منها الوجه الذي تظهر فيه أمارات هذا الدّين، وتتجلّى آثاره، ووكل إليها دعوة الناس جميعا إلى هذا الخير الذي بين يديها، ليطعموا منه كما طعموا، وليهتدوا إلى اللّه كما اهتدوا.
وفى قوله تعالى: {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إلفات للعرب إلى هذه النعمة الكبرى التي أنعم اللّه بها عليهم، وهو أنه- سبحانه- قد تخير رسوله إليهم منهم، وجعل مطلع الخير الذي يحمله، فيهم أولا.. وهذا من شأنه أن يجعل منهم القوة التي تظاهر هذا الرسول، وتقف إلى جواره، وتستظل برايته لا أن يكونوا حربا عليه، وعداوة متربصة به.. إنه منهم، وليس غريبا عليهم.. إنه يعرفهم وهم يعرفونه، ويعرفون مولده فيهم، ونسبه القريب منهم.
فكيف يلقونه بالعداوة؟ ثم كيف يحاربونه ويكيدون له، وهو الذي يحمل إليهم الخير الخالص، ويسوق إليهم الهدى والنور؟ إنهم بهذا يظلمون أنفسهم، إذ يحرمونها هذه النعمة، التي ساقها اللّه إليهم، على تلك اليد الكريمة التي تحيرها اللّه منهم، وإنهم ليخرجون على سنن العروبة وأخلاق العرب، في الانتصار لمن كان منهم، والتعصب له، والاستجابة لدعوة الداعي حين يدعوهم.. حتى لقد كان شعارهم، بل دينهم الذي يدينون به: {انصر أخاك ظالما أو مظلوما}، وحتى ليقول شاعرهم عنهم:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم *** في النائبات على ما قال برهانا
فكيف لا يستجيبون للرسول الكريم، وهو منهم، وقد جاءهم بالبرهان المبين والحجة الساطعة الدامغة؟
وفى قوله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ.. حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} إلفات للعرب أيضا إلى ما يحمل الرسول الكريم من مشاعر الحب لقومه، والحدب عليهم، بما لم يعرف إلا في الآباء للأبناء، وحدبهم عليهم، حتى لقد حمل ذلك الحبّ وهذا الحدب النبىّ الكريم، على أن يبيت مؤرّقا مسهدا موجعا، لخلاف قومه عليه، وتفلّتهم من بين يديه، وهو يدعوهم إلى النجاة، وهم يلقون بأنفسهم في مهاوى الهالكين، وحتى لقد نبه اللّه سبحانه النبىّ الكريم إلى أن ينظر لنفسه، وأن يتخفف من هذه الحسرات التي تملأ قلبه، وتملك مشاعره، فيقول له سبحانه: {لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [3: الشعراء] ثم يقول له: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ} [8: فاطر].
ومعنى قوله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} أي شاقّ عليه، ومؤلم له إعناتكم له، وخلافكم عليه.
ومنه قوله تعالى: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ} أي غلبنى وقهرنى.. فالعزة- في أصلها- الشدة والصلابة، وفى المثل: «من عزّ بزّ» أي من غلب وقهر كان له أن يبزّ الناس، ويستولى على ما في أيديهم.
فالنبى صلى اللّه عليه وسلم قد اشتد عليه وآلمه، إعنات قومه له، وخلافهم عليه.. والإعنات والعنت: البلاء، والمشقة، التي تضيق بها النفس، ولا تحتملها.. ومنه قوله تعالى: {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [25: النساء].
وفى قوله تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} إشارة إلى أن عطف النبي ورحمته بالناس وحدبه عليهم، ليس لقومه وحدهم، وإنما هو نفس رحيمة كريمة تتّسع للناس للمؤمنين جميعا، من كل جنس، ومن كل لون.. فهو رءوف رحيم بكل مؤمن، حريص على هداية كل نفس واستنقاذها من الضلال، والضياع! وفى وصف النبي الكريم بهاتين الصفتين الكريمتين من صفات اللّه سبحانه: {رَؤُفٌ رَحِيمٌ} تكريم للرسول الكريم، ورفع لقدره عند ربه.
قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} هو عزاء للنبى الكريم فيما لقى ويلقى من قومه، من كيد، وما يكابد من شقاقهم وخلافهم. وهو فيصل الأمر فيما بينه وبينهم.
إنه يدعوهم إلى اللّه، ويبسط إليهم يده بالخير.. وهذا هو المطلوب منه {ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ} فإن أجابوا، فقد أخذوا بحظهم من هذا الخير المسوق إليهم، وإن تولوا وأبوا، فاللّه غنى عنهم، ورسوله لائذ بجناب لا يضام، ومستند إلى حمى لا ينال.. إنه جناب اللّه، وحمى اللّه.. وذلك حسبه، وكفايته.
{حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11